اتحاد
الصناعات العراقي
أيقونة ساحة الخلاني
ليث الحمداني
This is the English translation
عادت صورة بناية اتحاد الصناعات العراقي في ساحة
الخلاني ببغداد وهي احدى تحف المعماري الراحل رفعت الجادرجي لتحتل صفحات الإعلام
مع اعلان خبر وفاة عاشق بغداد في 10 نيسان 2020 ..
منذ أيام وقبل وفاة رفعت الجادرجي كنتُ أتحدث مع قحطان
الأورفلي عبر الهاتف واستعدنا ذكرياتنا في بناية الاتحاد الرائعة التي تعتبر معلما
من معالم بغداد والوضع المزري الذي وصلت إليه بعد الإحتلال كما حدث مع العشرات من
المؤسسات التي دمرها الإحتلال.
تذكرنا كيف تم بناء هذه البناية بتبرعات الصناعيين العراقيين الذين كانوا ينظرون
للوطن كقيمة اعتبارية كبيرة كما يعبر عنها الإقتصادي ثائر الدباغ .
بدأ الموضوع
بمبادرة من الأمين العام للإتحاد آنذاك الدكتور محمد خليل الطويل بعد حصوله على
موافقة مجلس ادارة الإتحاد الذي كان يشغل يومها جزء من مبنى في شارع البنوك ، وأذكر بأنني تعرفتُ
هناك على قحطان الأورفلي وفي مكتبه التقيتُ بصناعيين كبار اذكر منهم توفيق علاوي واسماعيل
البحراني وعبدالله العمري وابراهيم الربيعي ويحيى ثنيان ويوسف الحداد وعبدالوهاب
بنية ويحيي النجار واديب فرجو وخيرالله الصباغ وفاضل الطائي . أما من العاملين في
الإتحاد فكان بينهم الباحث الاقتصادي عبدالرزاق الربيعي والمهندس رشيد حامد والصحفي
القديم قاسم محمد فخري صاحب جريدة الاقتصاد العراقي الذي كان يعمل في دائرة
العلاقات العامة في الإتحاد ومعاون مدير هذه الدائرة طارق الدوري .
تشكلت لجنة
برئاسة محمد خليل الطويل وعضوية ابراهيم الربيعي ومحمد كافل حسين وعبدالأمير
الجميلي ومحمد حسن القزاز ومدير الحسابات وقتها قدوري عبدالغفور ، وبدأ العمل في
البناية وانجزت بعد سنوات من تبرعات الصناعيين .
انتقل
الإتحاد الى البناية الجديدة في عام 1967 والتي ارتبطت بذاكرتي لعقود من السنوات ، وهنا أدون تفاصيل تأسيس
المختبرات التي كانت تقع في شارع متفرع من شارع الزعيم (تيمنا برئيس الوزراء عبد
الكريم قاسم) قرب مقر جريدة الإتحاد التي توليتُ مسؤوليتها لسنوات . تأسست هذه
المختبرات بمبادرة من رئيس الإتحاد عبدالقادرعبداللطيف وبقرار من مجلس إدارة الإتحاد
وبدعم من وزارة الصناعات الخفيفة . كان الهدف من تأسيسها تقديم الدعم في مجالات
فحص المنتوجات للمشاريع الصغيرة مثل المعامل الغذائية وصناعات الألبسة والأحذية غير
المجازة من التنمية الصناعية والتي لاتخضع منتجاتها للفحص في مختبرات الجهاز
المركزي للتقييس والسيطرة النوعية وهي مختبرات ضخمة تظاهي مختبرات السيطرة النوعية
في البلدان الصناعية الكبيرة ، ولاعلاقة لمختبرات الإتحاد التي نتحدث عنها
بالصناعات العسكرية .
أبرز منجزات الإتحاد
-
تنظيم
اجتماع موسع لنخبة من رواد الصناعة الوطنية التي تمخضت عنه دراسات في عام 1970 تم
بموجبها إعلان الرئيس أحمد
حسن البكر لدعم القطاع الخاص واستهدف البيان إعادة الثقة للمستثمرين في القطاع
الصناعي الذين انكمشوا وابتعدوا عن العمل في هذا القطاع بعد تأميمات الستينات ، التي شملت العديد من الصناعات ومن بينها
الصناعات الإنشائية وبعض الصناعات الغذائية .
-
مكننة
مشاريع صناعة الطابوق في القطاع الخاص وترحيلها الى مجمع النهروان حيث أشرف على دراسة
وتنفيذ المشروع المهندس يوسف حسن مهدي والمهندس كمال احمد أغا حيث تم تنفيذ المشروع بتناسق مع شركة إيطالية . كذلك مشاريع
أخرى منها دراسات مكننة مشاريع الجص الذي عمل على انجازها المهندس عيسى محمد والتي
لم تنفذ بسبب الحصار الذي فرض على العراق .
-
كانت
دوائر الاتحاد بمثابة هيآت استشارية للقطاع الخاص والعام في العراق ، وعندما قررت
الحكومة العراقية الدخول في صناعة السيارات (كصناعة وليس تجميع) تأسست بموجبه هيأة مستقلة لهذا الغرض ترأسها براق سعيد
يحيي الأستاذ في الجامعة التكنولوجية . حين ذاك كُلف الإتحاد باعداد دراسة حول
الصناعات المغذية لصناعة السيارات ، وفعلا أنجز الإتحاد واحدة من أهم الدراسات التي
تناولت واقع الصناعات المغذية وامكانيات تطويرها ،
حيث انجز الدراسة المهندس يوسف حسن مهدي بالتعاون مع
الدائرة الفنية في الإتحاد .
وقد حظت الدراسة باهتمام كبير من منظمة التنمية
الصناعية الدولية (اليونيدو) التي أوفدت خبيرا الى العراق للمساعدة والدعم وقد وفرالإتحاد
في هذه الدراسة قاعدة معلومات مهمة كانت المهندسة وفاء محمد علي تقوم بتخزينها
وبرمجتها ووضعها في خدمة هيأة صناعة
السيارات .
-
نظمت
الدائرة الإقتصادية ، وبمبادرة
من مديرها الخبير الاقتصادي ثائر الدباغ ، مؤتمرا علميا هو الأول من نوعه لدعم
وتطوير الصناعات الصغيرة ساهمت به العديد من الجامعات ومراكز الأبحاث ورافقه معرضا
للصناعات الصغيرة حظى باهتمام وزارة الصناعة ، وانعكست توصيات هذا المؤتمر على
موقف الدولة من هذه الصناعات حيث تم إصدار قرار من رئاسة الجمهورية بتسجيل أغلبها
في التنمية الصناعية ومنحها الإمتيازات اللازمة للتطوير .
-
بناء
علاقات مميزة مع المنظمات والهيآت العربية والدولية : بنى الإتحاد في مختلف عهوده
علاقات متميزة على مختلف الأصعدة وقد تجلى ذلك بدوره الفعال في الإتحاد العام
للغرف التجارية والصناعية والزراعية العربية ، حيث كان أمينه العام برهان الدجاني
يولي اهتماما كبيرا بمقترحات الإتحاد العراقي وترشيحاته وكنت شاهدا على تلك
المرحلة . بدا تأثير الإتحاد واضحا في عملية تأسيس الغرف التجارية العربية - الأجنبية
بالتعاون مع المجلس الإقتصادي العربي حيث تمكن إتحاد الصناعات العراقي وبالتنسيق
مع اتحاد الغرف التجارية العراقية من ترشيح ودعم عدد من الكفاءات العراقية لهذه
الغرف مثل عبدالكريم المدرس الأمين العام لغرفة التجارة العربية - البريطانية وفؤاد عبدالهادي الأمين العام للغرفة العربية –
الايطالية ونصرت المدرس الأمين العام للغرفة
العربية – الألمانية والمهندس راكان الأمين
العام للغرفة العربية – الآيرلندية
-
نظم
الإتحاد أوسع مؤتمر عربي للتنسيق والتكامل بين دول الخليج العربي في أواسط
السبعينات وكان وراء نجاح المؤتمر رئيس
الإتحاد غسان مرهون ، وقد
عملتُ شخصيا في الهيأة التحضيرية وكان معي الخبير الإداري في المؤسسة العامة
للصناعات النسيجية حسام الدين الأنصاري ومن الإتحاد الاقتصادي باسم عبدالكريم وعدد
كبير من الموظفين . قبل اجتياح الكويت كان الإتحاد يرتبط بأقوى العلاقات مع الغرف
العربية للصناعة والتجارة وقد دعم ترشيح
السيد كاظم عبدالحميد للأمانة العامة لغرف الخليج الذي كان مرشحا من قبل الإتحاد
العام للغرف التجارية العراقية . كما وأقام الإتحاد علاقات وثيقة مع دورالخبرة
الاستشارية العربية ومنها المنظمة العربية للتنمية الصناعية ومنظمة الخليج
للاستشارات ومنظمة العمل العربية التي عقدت مؤتمرا لها في بغداد وقد قمتُ بالتعاون
مع بعض الزملاء ومنهم شهاب التميمي ومحمد خلف بإصدار جريدة يومية على مدى أيام
انعقاد المؤتمر .
-
كان
دور الإتحاد بارزا في اجتماعات منظمة العمل الدولية كممثل لأرباب الأعمال ، وفي
بداية السبعينات ، كان قحطان
الأورفلي عضوا هاما في تنسيق الوفود العراقية وفي محاكم العمل التي تتشكل بموجب اتفاقيات
منظمة العمل الدولية التي تعقد في جنييف .
-
على
المستوى المحلي كان الإتحاد عضوا فاعلا في اللجنة التي شُكّلت باقتراح من الأمانة
العامة للإتحاد لغرض إقامة المصارف الأهلية ، كما أنه قام بتأسيس ثاني
مصرف أهلي وهو مصرف بغداد وقام بإدارته في حينها الخبير المصرفي سعدون كبة . كما
واقترح الإتحاد تأسيس سوق الأوراق المالية
وكان مقترحا متكاملا حظى باهتمام الدولة العراقية . سنويا ظل الإتحاد يصدر دليلا
شاملا للصناعات العراقية كما كان ينجز مسحا صناعيا تناوب في الإشراف عليه
عبدالرزاق الربيعي وباسم عبدالكريم الزبيدي وهناء الخفاجي ، وكنت شخصيا أقوم
بتصميم ومتابعة هذه المطبوعات منذ عام 1971 . وكان هذا المسح مصدرا للعديد من
الدراسات في مقدمتها دراسات حماية الإنتاج الوطني التي كان الإتحاد يساهم في
اعدادها وتهتدي بها لجنة تنظيم التجارة في تحديد نسب الاستيراد للمنتجات التي يوجد
لها مثيلا في العراق .
منذ تأسيس الإتحاد حتى غادرتُ العراق كنتُ مستمرا بذكر تفاصيل تلك البناية الرائعة التي تعد من
روائع أعمال الراحل رفعت الجادرجي وبالذات
قاعة الإجتماعات الخاصة بمجلس الإدارة
في الطابق الأخيرمن البناية وكيفية دخول الشمس فيها لتنيرها دون الحاجة لإستخدام الإنارة .
_______________________________________
ملاحظات :
1 : هنا نبذة مختصرة عن وضع البناية والإتحاد مابعد الإحتلال
2 : اتحاد الصناعات منظمة تنموية مهمة همشت بعد
الإحتلال وانتهى دورها
3 : المشاريع الصغيرة
هي غير المجازة من التنمية الصناعية والتي لا يتجاوز عدد عمالها على عشرة عمال .
4 : تم إنشاء مختبرات
إتحاد الصناعات في أواسط الثمانينات .
5 : هنا معلومات عن تأسيس وتعريف الإتحاد
6 : أذكربعض ممن عملت معهم في الإتحاد أمثال محمد
خليل الطويل ، حاتم عبدالرشيد، غسان مرهون، أحنف الناصري، زهير الدوري، عبدالقادر
عبداللطيف ، عبداللطيف البنية ، قحطان الأورفلي ، طلال طلعت ، طارق الصافي ، حسن
قنبر أغا ، محمد كافل حسين، فتح الله عزيزة ، فؤاد ساعور، هيثم فتح الله ، عدنان الحلي ، يونس السماوي ، حيدر السماوي،
موفق العلاف ، حمزة حبيب ، نجيب حراق ، قاسم البلداوي ، ثابت البلداوي ، طارق عباس
حلمي، نبيل رسام ، ومن الرواد محمد حديد، وخدوري خدوري وعبدالله العمري . أعتذر لمن لم تسعفني ذاكرتي بإسمه بعد كل هذه
السنوات .
_________________
ليث الحمداني صحفي عراقي يسكن في كندا . بدأ العمل الصحافي في منتصف الستينات بمجلة الفكاهة العراقية الساخرة ثم عمل مراسلا لمطبوعات كويتية ولبنانية . كان أحد مؤسسي الإعلام الصناعي في السبعينات حيث أسهم في إصدار مجلات ’عالم الصناعة ‘ والتي سُميت فيما بعد ب’الصناعة‘ وهي مجلة علمية . في أواسط السبعينات ، عمل في جريدة ’طريق الشعب‘ وكان مسؤولا عن القسم الفني فيها . أصدر في الثمانينات جريدة ’الإتحاد‘ الناطقة بلسان اتحاد الصناعات والغرف التجارية . أصدر مع الزميل زياد علي جريدة ’البلاد‘ في كندا حيث يسكن فيها منذ أواسط التسعينات